افترض
معي أنك دُعيت إلى ندوة لإلقاء كلمة حول موضوع ما، ولسوء الحظ أو الإهمال لم تقم
بالتحضير لهذه الكلمة وصرت أمام خيارين إما الاعتذار عن إلقاء الكلمة وهذا
المفترض، أو أنك ذهبت لإلقائها وتفاجأت بعدد كبير من الحضور مختلفي الثقافات
والمستويات العلمية والمعرفية، وأنت بين متحدثين مهرة، وبدأت بالتلعثم والخروج من
موضوع لآخر بعضه قريب والآخر بعيد وبطريقة غير مرتبة، كيف سيكون حال الجمهور؟
حتما سيندم الجمهور للدقائق التي أضاعوها في حضور كلمتك، عندها ما هو موقفك؟
هذا
تماماً ما يحدث عندما يكون الموقع الإلكتروني لمنشأتك سيئاً، لن يستطيع أن يتحدث
عن المنشأة أو يُعطي انطباعاً عن قوتها لزواره والباحثين من خلال الانترنت.
قد تتساءل ألهذه الدرجة الموقع الإلكتروني مهماً، وأتوقع أن تساؤلك هذا سيزول
عندما تعلم أن عدد مستخدمي الإنترنت حول العالم بلغ 3.8 مليار مستخدم، وهناك أكثر
من 10 مليارات عملية بحث في الشهر تجري من خلال محرك البحث جوجل فقط، بمعدل 3-4
عمليات بحث يومية للشخص العادي بحسب إحصائيات Statista عن موضوعات مختلفة وكثير منها احتياجات للمستخدمين أو الشركات وقد
يكون الموقع الإلكتروني لمنشأتك أو لك أحد هذه المواقع الالكترونية التي تتم
زيارتها، وهنا يجب أن تسأل نفسك ما هي مكاسبي من هذه العمليات؟
الثقافة
حول الموقع الإلكتروني
قبل أن
أخبرك متى يكون الموقع الإلكتروني سيئاً لابد أن أذكر شيئاً عن ثقافة الكثيرين
اليوم حول الموقع الإلكتروني، من خلال عملي واحتكاكي المباشر بعدد كبير من
التنفيذين في كثير من المنشآت، يرى بعضهم أن الموقع الالكتروني غير أساسي للمنشأة
ويسألون من يزور الموقع الإلكتروني اليوم، ويؤكدون على عدم أولويته على الأقل في
الوقت الحاضر خاصة إذا كانت ميزانيات التسويق معدة بشكل متواضع للغاية أو بشكل غير
منهجي، أو يرون أن وجود صفحات للمنشأة على شبكات التواصل الاجتماعية يكفي لإيصال
رسالة المنشأة للجمهور، لكن الحقيقة عكس هذا تماماً، وذلك أن الموقع الإلكتروني
أهم وسائل الإعلام والتسويق المملوكة للمنشآت وهو مركز الأنشطة التسويقية التي
تقوم بها ويدعمها جميعها، ومن ناحية أخرى فكثير من المنشآت لا تحسن إدارة التكامل
بين الموقع الإلكتروني وصفحاتها على شبكات التواصل الاجتماعية، فينبغي أن يكون هدف
المنشأة الارتباط بالعملاء من خلال موقعها الالكتروني وليس شبكات التواصل
الاجتماعية لأنها ليست وسيلة الارتباط الدائم، فالمستخدم لا يدخلها من أجل الوصول
للمنشآت، وهي مقتحم ذكي أو غير ذكي لخصوصيته على شبكات التواصل الاجتماعية.
وقد
يكون بعض هذه الثقافة ناتج عن التجارب السيئة السابقة للمنشآت مع مواقع إلكترونية
ذات زيارات متواضعة أو معدومة وزيارات غير مقصودة، ولكن كل هذا لأن الموقع
الإلكتروني كان سيئاً !
الموقع الإلكتروني أهم
وسائل الإعلام والتسويق المملوكة للمنشأة، وهو مركز جميع أنشطتها التسويقية
متى
يكون الموقع الالكتروني سيئاً:
هناك
العديد من الأسباب التي تجعل الموقع الالكتروني سيئاً ولا يحقق النتائج المرجوة
منه، وأقسمها من خلال أربعة مستويات رئيسية:
أولاً:
على مستوى ثقافة المنشأة
عندما
لا تعتبر المنشأة موقعها الالكتروني مقر عملها على الانترنت
كما يمثل مقرها الفعلي في البلد الذي تبث منه نشاطها، وبالتالي لا تعطيه أي اهتمام
ولا تضعه ضمن خططها التطويرية المستمرة، وقد تكون أنشأت الموقع الإلكتروني فقط
ليكون لها نطاق باسمها (domain) يدل
عليها لا أكثر، وهذا يجعلها تخسر الكثير، فاليوم قد يكون الموقع الإلكتروني أهم من
المقر؛ فغالباً الناس تتجه للبحث عن المنشآت والمنتجات والخدمات من خلال الإنترنت
قبل زيارة المنشآت، وفي المستويات التالية سأوضح كيف يجب أن يكون الموقع
الالكتروني.
ثانياً:
على المستوى التقني والفني
وهذا
المستوى مهم جداً، وحتى يتم استيعاب درجة أهميته فسأعطي مثالا واقعياً له، سبق أن
ذكرت بأن موقعك الإلكتروني هو مثل مقر عملك ولكن على الانترنت، فبذلك يمثل هذا
المستوى جدران ومكاتب وديكور ومركز استقبال منشأتك، وهذه ما يراها العميل ويتعامل
معها بشكل مباشر عندما يزور المنشأة، وهناك جانب لا يراه عميلك أو لا يلمسه بشكل
مباشر مثل البنى التحتية التي تعزز عملك كشبكات الاتصالات والكهرباء واطفاء الحريق
والبرامج والأنظمة اللازمة لتشغيل المنشأة، إذاً هناك جانبين لهذا المستوى، جانب
يتعامل معه العميل (front-end)
وجانب تتعامل المنشأة معه (back-end)،
وهناك سلبيات إذا توفرت في الجانبين من هذا المستوى يكون الموقع الإلكتروني سيئاً
وتؤثر على جدواه:
1- إذا
كانت قابلية الاستخدام سيئة وغير مدروسة:
تركز
قابلية الاستخدام على دراسة طريقة تفاعل المستخدم النهائي مع المنتجات والأدوات
ومنها الموقع الإلكتروني، وتقديم منتجات سهلة الاستخدام ذات جودة وكفاءة عالية،
وتكون سيئة إذا وجد المستخدم صعوبات في تصفح الموقع الإلكتروني من خلال إجراءات
معقدة أو تصميمات غير مريحة وغير مفيدة للغرض المقدم وللمستخدم، ومعلومات وصور
مبعثرة، أو لم يستطع المستخدم فهم طريقة استخدام الموقع الإلكتروني والوصول إلى
الإجراء الذي يريده.
وهنا
أشدد على أن تكون قابلية الاستخدام المقدمة مدروسة ومصممة بطريقة علمية تخدم أنواع
الشرائح التي تستهدفها المنشأة، كما يجب أن ندرك أن المستخدم اليوم لم يعد ساذجاً
أو بسيط التطلع، وصار من السهل عليه المقارنة واكتشاف الأخطاء والعيوب، خاصة مع
ازدياد استخدامه للأدوات التقنية والمواقع الإلكترونية، وكذلك الاتجاه العام من
الاعتناء بالجودة المقدمة للمستخدمين والمستهلكين، وبسبب هذا قد تجعل موقعك
الالكتروني أداة تسويق جيدة لجودة موقع ينافس أعمالك.
2- عدم
كفاءة وجودة وتكامل التقنيات المستخدمة في تصميم وتطوير الموقع الإلكتروني:
اليوم
تقنيات الويب وأمن المعلومات وتخزينها تتطور بشكل كبير جداً، واستخدام تقنيات
قديمة أو البرمجة بطريقة غير مهنية يجعل الموقع الإلكتروني ضعيفاً من ناحية الأداء
وسرعة التحميل والأمان ما يضعف تكامله مع محركات البحث ويضعفه في المنافسة، وتقديم
الخدمات للمستخدمين ووصولهم إليه.
وهنا
أود الإشارة إلى أدوات يمكنك الاستعانة بها للتحقق من كفاءة الموقع الإلكتروني مثل
أداة جوجل web.dev وأداة Website Grader
وتعود
مدى الكفاءة والجودة إلى من يقوم بتصميم وتطوير موقعك الإلكتروني ومدى تخصصه
ومهنيته.
3- إذا
لم يحتوي على أدوات تحسين التحويل:
أدوات
تحسين التحويل: هي الأدوات التي تساعد في تحويل المستخدم من زائر إلى عميل أو عميل
محتمل، وتدفعه لاتخاذ إجراء داخل الموقع الإلكتروني، وتشعره أن الموقع الإلكتروني
ذو قيمة وفائدة له، ما يدفعه للعودة إليه مرة أخرى أو تذكره، ومن هذه الأدوات
أدوات الشراء ونماذج الاتصال وطلب الخدمات والمنتجات والتسجيل والاشتراك في
القائمة البريدية والتعليق والتقييم، وتختلف أدوات التحويل من منشأة إلى أخرى،
فبعضها مشترك كنماذج الاتصال وبعضها مخصص بحسب نوع المنشأة كمنشآت البيع بالتجزئة
التي تركز على أدوات الشراء والاحتفاظ بالمنتجات، ويمكن الحصول على بعض هذه
الأدوات من مواقع إلكترونية تقدمها بشكل جاهز لربطها في موقعك.
4- إذا
لم يكن الموقع الإلكتروني متوافقاً مع الجوال والأجهزة المختلفة:
أهمية
أن يكون لمنشأتك موقع إلكتروني بنفس أهمية أن يكون من السهل الوصول إليه من أجهزة
متعددة وخاصة الجوال، حيث أن زيارات صفحات الويب من خلال الجوال تمثل 52.2% من
إجمالي زيارات الويب من مختلف الأجهزة خلال عام 2018 بحسب موقع statista.
كما أن
التوافق مع الجوال يساعد في تعزيز ظهور الموقع الإلكتروني في النتائج الأولى
لمحركات البحث.
هناك
الكثير من الأدوات التي تساعد في معرفة مدى التوافق مع الجوال، مثل أداة جوجل
المخصصة لاختبار التناسب مع الجوال.
أهمية أن يكون للمنشأة
موقع إلكتروني بنفس أهمية أن يكون من السهل الوصول إليه من الجوال والأجهزة
المختلفة
5-
غياب التحليل:
إذا
كانت المنشأة جادة في استخدامها التقني فيجب أن يكون لديها وعي كاف تجاه أهمية جمع
وتحليل البيانات وسلوكيات المستخدمين وطريقة تفاعلهم مع منتجاتها، ومن ذلك موقعها
الالكتروني، بهدف التحسين والتطوير المستمر لمواكبة رغبات المستخدمين وخاصة
العملاء ورفع ولاءهم.
ويمكن
تحليل بيانات وسلوكيات زوار الموقع الإلكتروني من خلال التقارير التي يصدرها
الموقع الالكتروني نفسه إذا كان مبرمجاً بهذه الخصائص، أو من خلال أدوات جاهزة مثل
Google Analytics و similarweb و easycounter.
6- عدم
الاختبار المستمر والتطوير:
إهمالنا
لأدوات التسويق التي نسعى لجذب العملاء من خلالها يؤدي إلى نتائج عكسية كثيرة منها
ضعف الصورة العامة للمنشأة عند المستخدمين والعملاء وانخفاض المبيعات والأرباح،
ومن ذلك إغفال الاختبار المستمر للموقع الالكتروني من ناحية الكود البرمجي والأداء
وزمن تحميل الصفحات والخادم الذي يستضيف الموقع والأمان ومعرفة وتحديد المشكلات
التي قد تطرأ عليه بسبب عدد طلبات الخوادم وقواعد البيانات أو عدم مواكبة
الاتجاهات الجديدة لتقنيات الويب وتصميم المواقع الالكترونية.
ومن
العناصر المهمة التي يجب اختبارها باستمرار هي تجربة استخدام الموقع الإلكتروني
وطريقة تفاعل الزوار معه، ويمكن كذلك اشراكهم في استبيانات لمعرفة طريقة تفاعلهم
مع الموقع الإلكتروني وسهولته وكفاءته بالنسبة لهم.
إذا لم
يكن هنالك إمكانية لكل ذلك أو سيكلف المنشأة مبالغ مالية - وإن كانت ستنفق في
محلها - فعلى الأقل متابعة الموقع الإلكتروني متابعة جيدة، فبعض المنشآت لا تعلم
أن موقعها الإلكتروني متوقف منذ زمن.
لا تحليل.. لا
اختبار.. يعني لا تطور ولا أرباح
على
مستوى المحتوى
إذا
كان أمامك كوب جميل التصميم ولكنه فارغ فلن يكون مفيداً لك، وإذا كان فيه مشروب
مُعد بطريقة سيئة فكذلك لن تشربه، إذاً فالمحتوى هو الملك.
إن
وصول الجمهور للموقع الإلكتروني قائم على بحثهم من خلال الانترنت عن منشآت ومنتجات
وخدمات ومعلومات، أو من خلال معرفتهم بالمنشأة، أو الإعلانات التي تروج لها، وكون
المحتوى يؤثر في العملية التسويقية وبشكل رئيسي في ظهور الموقع الإلكتروني وصفحاته
في نتائج البحث، فهذا يعني أن الموقع الإلكتروني إذا كان يتضمن محتوى مُعداً
بطريقة منهجية وفق قواعد ومعايير بناء محتوى الموقع الإلكتروني وفريد وجذاب ومُركز
وذو فائدة ويدعم التكامل مع محركات البحث فقد تكون فرصة ظهوره في النتائج الأولى
في محركات البحث أعلى، أما تأثيره على الزائر فسيكون كبيراً خاصة إذا قدم له
الفائدة التي يرجوها ما سيدفعه لاتخاذ اجراء مباشر تجاه ما تقدمه المنشأة كالشراء
أو طلب الخدمات، وكذلك الاستفادة من المحتوى إن كان يبحث عن معلومات وعندها ستمثل
له المنشأة مرشداً ذو خبرة، والعكس صحيح فإذا كان المحتوى سيئاً أو غير مرتب أو
مفيد أو منسوخ فستقل فرصة ظهوره في محركات البحث، وسيدفع الزائر للخروج السريع من
الموقع الإلكتروني وقد يقوم بنشر انطباعه السلبي بين عائلته وأصدقائه أو صفحاته
على الشبكات الاجتماعية.
المحتوى هو الملك
على
مستوى الفائدة المقدمة:
موقع إلكتروني
لا يخدم
هل
ستكرر الدخول لموقع إلكتروني لا يخدمك ولا يقدم لك فائدة، وعلى سبيل المثال هل
ستكرر الدخول لموقع بنك يعرض معلومات تعريفية عنه فقط؟
أظن أن
إجابتك ستكون لا، لن تكرر التجربة، إذاً كنت ستكرر زيارة الموقع الالكتروني كثيرا
إذا كنت ستحصل على خدمات من خلاله أو يسهل حصولك على بعض الخدمات البنكية التي لا
تخلو من إجراءات كثيرة وبعضها معقد كفتح حساب بنكي وطلب الحصول على بطاقة الصراف
الآلي وإيقاف البطاقات ومعرفة الحركات البنكية والنشاط والرصيد وكثير من الخدمات
المقدمة.
هنا
يجب أن نهتم بالموقع الإلكتروني الذي يخدم لا الذي يُعرف فقط، ويجب أن تهتم
المنشأة بالإجابة على هذا السؤال قبل أن تفكر بالموقع الإلكتروني، ما الذي سيدفع
الزائر للدخول إلى موقعنا الإلكتروني وتكرار الدخول، هل فقط حتى يقرأ معلومات عن
المنشأة، وحتى إذا دخله الشخص لمرة فلن يكررها وبهذا أتحدث عن عنصرين مهمين جدا
للمنشآت هما جذب العميل المحتمل والارتباط بالعميل، فمثل هذه المواقع لن تحقق
الجذب ولن تحقق الارتباط وتكوين علاقة ممتدة مع العميل، ما يحقق ذلك هو أن يكون
الموقع ينفذ ما ينفذه موظفو المنشأة في مبناها أو جزء منه، كتمكينهم من فتح
ملفاتهم وإدخال معلومات بعض الإجراءات التي يمكن الاستغناء عن إدخالها من خلال
موظفي الاستقبال وحجز مواعيدهم وتذكيرهم بها تلقائيا، والحصول على الاستشارة
السريعة، والحصول على الدعم المباشر وتتبع مراحل أعمالهم أو أي اجراء يمكن أن يقدم
من خلال الانترنت، بهذا يمكن أن نقول أن الموقع الإلكتروني للمنشأة يخدم عملاءها،
ويجذب لها العملاء.
ما
فوائدك من مستخدم يزور موقع منشأتك الإلكتروني السيء
وأخيراً
وبعد كل هذا أظنك تتفق معي أن الموقع الإلكتروني السيء يضر عملك كثيراً وقد يساهم
في إعطاء انطباعات سلبية للزوار عن المنشأة مثل عدم شعور المستخدم أنه يتعامل مع
منشأة قوية، ما سيقلل ثقته بها وبجودة منتجاتها وخدماتها، وقد يخفض مبيعاتها، ففي
بعض الأبحاث التي وثقها موقع Loadstorm أنّ
زيادة ثانية واحدة في زمن تحميل الصفحة تقود إلى خسارة 7% من التحويلات، وإلى
تقليل مشاهدات الصفحة بنسبة 11%، وانخفاض رضا العملاء بنسبة 16%، لذلك فالأمر ليس
بسيط وعليك أن تجعل موقعك الإلكتروني جيداً.